Sunday, June 30, 2013

عفوا أصدقائي، فلن أكون ميكافيليا


بعد فشل النظام الحالي في اتخاذ أي خطوات ملموسة لتحسين حال المواطن المصري وإقامة الشريعة (في مفهومي، وهي إقامة العدل بين جميع المواطنين وتوفير المأكل والملبس والمسكن لهم كبداية ثم الاهتمام بالتعليم والعلاج، إلى جانب سن قوانين ذات مرجعية إسلامية فقط وإسقاط ما يخالف ذلك، كعدم سن قوانين تبيح للدولة تصنيع وتجارة الخمور على سبيل المثال مثلا وعدم سن قوانين تسمح بالزواج المدني بالمخالفة للأديان)، وهكذا، وبعد فشل النظام أيضا في التأليف بين طوائف الشعب المختلفة، كنت أريد المشاركة في إرسال رسالة شديدة اللهجة إليه اليوم، إلا أنني نأيت بنفسي أن أقع فيما كنت أختلف مع جماعة الإخوان المسلمين فيه من وجهة نظري الشخصية، حيث كنت أتهمهم بالميكافييلية أي اتخاذ الهدف كمبرر لاتباع شتى أنواع الوسائل يحسب مبدأ ميكافيلي القاضي بأن الغاية تبرر الوسيلة، أخذت على الإخوان تركهم لي ولزملائي في الميادين وحدنا في مواجهة بقايا نظام مبارك المتمثل آنذاك في الداخلية في أحداث محمد محمود، وفي الجيش في أواخر أيام محمد محمود ثم في أحداث مجلس الوزراء ومن ورائها أحداث وزارة الدفاع التي قتل بها أحد الزملاء والذي كان بداية تعرفي إليه في ميدان التحرير ثم في اعتصام مجلس الوزراء، أخذت على الإخوان تركهم لنا وسعيهم الحثيث للاتفاق مع العسكر، رافضا مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، ودارت الأيام وجاء اليوم الذي أجد نفسي فيه، بالنسبة لموقفي، في خندق واحد، مع الفلول الذين هاحمونا بشدة وقت الثورة وبعضهم ممن أعلم حكايته شخصيا قام بمهاجمة المتظاهرين فيما يعرف إعلاميا باسم موقعة الجمل، ومع الداخلية الذين كانوا سببا أساسيا في قيام الثورة ثم كانوا عنصرا أساسيا في محاربتها بشتى الطرق والوسائل، بدءا من دهس وقتل المتظاهرين في أحداث ينياير مرورا باطلاق الخرطوش على المتظاهرين في محمد محمود وقتل بعضهم وإصابة الكثيرين منهم، وانتهاءا بترك تأمين الوطن مع ترك المواطنين لقمة سائغة لقاطعي الطريق والبلطجية وسارقي السيارات واللصوص والقتلة، أصبحت في نفس الخندق، من حيث موقفي من النظام، مع من كان يتهمني وزملائي في الميدان بالفجور والعمالة، ومع من طلب مني مرارا وتكرارا الرحيل من الميدان قبل تنحي مبارك اكتفاءا بخطابه الخادع ليلة موقعة الجمل.
ولكني وجدتني أرفض هذا المبدأ، مبدأ الإتفاق على الأهداف واستغلال ذلك للاتحاد مع أعتى أعداء ثورة يناير كوسيلة للإطاحة بنظام فاشل، عفوا يا سادة فأنا لست ميكافيليا، فعندي، الغاية لا تبرر الوسيلة، غايتي في أن يحكم مصر من هو قادر على تحقيق أهداف الثورة لا تبرر اتخاذي من التحالف مع أعداء الثورة وسيلة لذلك، لا أريد أن أبدو دراميا وأنا أذكركم بمقولات من تحملونهم فوق الأعناق اليوم أو تنشرون صورهم للتفاخر بمن معكم، لا أريد أن أبدو دراميا وأنا أذكركم ب"جدع يا باشا، جت في عينه" ولا أريد أن أبدو دراميا وأنا أذكركم ب"البيتزا والريش" ولا أريد أن أبدو دراميا وأنا أذكركم ب"أيوة أنا باطلع إشاعات وباعرف إزاي أهدي الميدان بإشاعة"، لا أريد أن أبدو دراميا وأنا أذكركم ب"الثورة خربت مصر وفاتن حمامة قالتلي برافو عليكي"، لا أريد أن أبدو دراميا وأنا أذكركم بتلك الأحداث، ولكن ما باليد حيلة بعد كل ما أراه يحدث الآن من مشاهد عبثية تتحدى تعريفات مارتن إيسلين وكتابات صمويل بيكيت وآداموف.

عفوا أصدقائي فأنا لن أكون ميكافيليا، وعندي فأبدا، الغاية لا تبرر الوسيلة.

No comments:

Post a Comment